Datasets:

whitefox123

/

tashkeel

like 2

رَحِمَهُ اللَّهُ .لَمْ يَقُلْ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سِوَى هَذَا الْبَيْتِ

وَقَالَ الشَّاعِرُ .إذَا مَا رَأَيْت الْمَرْءَ يَعْتَادُهُ الْهَوَى

.فَقَدْ ثَكِلَتْهُ عِنْدَ ذَاكَ ثَوَاكِلُهْ

.وَقَدْ أَشْمَتَ الْأَعْدَاءَ .جَهْلًا بِنَفْسِهِ

.أُمُورُهُ .وَتَمَّتْ أَمَانِيهِ وَتَمَّ بِنَاؤُهُ

.وَقَدْ .وَجَدَتْ فِيهِ مَقَالًا عَوَاذِلُهْ

.وَمَا .يَرْدَعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ عَنْ الْهَوَى

.مِنْ النَّاسِ إلَّا حَازِمُ الرَّأْيِ .كَامِلُهْ

.الْهَوَى سَبِيلٌ إِلَى الْمَهَالِكِ .وَلَمَّا كَانَ الْهَوَى غَالِبًا

.وَإِلَى سَبِيلِ الْمَهَالِكِ مَوْرِدًا .جَعَلَ الْعَقْلَ عَلَيْهِ رَقِيبًا مُجَاهِدًا

.وَيُلَاحِظُ .عَثْرَةَ غَفْلَتِهِ، وَيَدْفَعُ بَارَادَةِ سَطْوَتِهِ

.وَيَدْفَعُ خِدَاعَ حِيلَتِهِ؛ لِأَنَّ سُلْطَانَ الْهَوَى قَوِيٌّ

.وَمَدْخَلٌ مَكْرِهِ خَفِيٌّ .وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يُؤْتَى الْعَاقِلُ

حَتَّى تَنْفُذَ أَحْكَامُ الْهَوَى عَلَيْهِ أَعْنِي بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ

.قُوَّةَ .سُلْطَانِهِ وَبِالْآخَرِ

.وَرَوَى الضَّحَّاكُ فِي قَوْله تَعَالَى لِيُنْذَرَ مَنْ كَانَ حَيًّا

.خَفَاءَ مَكْرِهِ .فَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ .فَهُوَ

.أَنْ يَقْوَى سُلْطَانُ الْهَوَى بِكَثْرَةِ دَوَاعِيهِ

.حَتَّى تَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ غَلَبَةُ الشَّهَوَاتِ فَيَكِلُّ الْعَقْلُ عَنْ دَفْعِهَا

.وَيَضْعُفُ .عَنْ مَنْعِهَا .مَعَ وُضُوحِ قُبْحِهَا فِي الْعَقْلِ الْمَقْهُورِ بِهَا

.وَهَذَا يَكُونُ فِي الْأَحْدَاثِ أَكْثَرَ .وَعَلَى الشَّبَابِ أَغْلَبَ

.لِقُوَّةِ شَهَوَاتِهِمْ .وَكَثْرَةِ دَوَاعِي الْهَوَى الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ

.وَإِنَّهُمْ رُبَّمَا جَعَلُوا الشَّبَابَ عُذْرًا لَهُمْ

كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ .كُلٌّ يَرَى أَنَّ الشَّبَابَ لَهُ

.فِي كُلِّ .مَبْلَغِ لَذَّةٍ عُذْرَا

وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ .الْهَوَى .مَلِكٌ غَشُومٌ

.أَيْ مَنْ كَانَ عَاقِلً .حَدُّ العَقْلِ وَمَحَلُّهْ

.وَمُتَسَلِّطٌ ظَلُومٌ وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ

.الْهَوَى .عَسُوفٌ .وَالْعَدْلُ مَأْلُوفٌ

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ .يَا عَاقِلًا أَرْدَى الْهَوَى عَقْلَهُ

.مَالَك قَدْ سُدَّتْ عَلَيْك الْأُمُورُ .أَتَجْعَلُ الْعَقْلَ أَسِيرَ الْهَوَى إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَيْهِ أَمِيرُ

.وَحَسْمُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْعَقْلِ عَلَى النَّفْسِ النُّفُورَةِ

.وَيُشْعِرُهَا مَا فِي عَوَاقِبِ الْهَوَى مِنْ شِدَّةِ الضَّرَرِ

.وَقُبْحِ الْأَثَرِ .وَكَثْرَةِ الْإِجْرَامِ

.وَتَرَاكُمِ الْآثَامِ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

.حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ .وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ

.أَخْبَرَ أَنَّ الطَّرِيقَ إلَى الْجَنَّةِ احْتِمَالُ الْمَكَارِهِ

.وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَفِي صِفَتِهِ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى

.وَالطَّرِيقَ إلَى النَّارِ بِاتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .إيَّاكُمْ وَتَحْكِيمَ الشَّهَوَاتِ

.عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّ عَاجِلَهَا ذَمِيمٌ .وَآجِلَهَا وَخِيمٌ

.فَإِنْ لَمْ .تَرَهَا تَنْقَادُ بِالتَّحْذِيرِ وَالْإِرْهَابِ

.فَسَوِّفْهَا بِالتَّأْمِيلِ وَالْإِرْغَابِ .فَإِنَّ الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ

.إذَا اجْتَمَعَا عَلَى النَّفْسِ ذَلَّتْ لَهُمَا .وَانْقَادَتْ

وَقَدْ قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ .كُنْ لِهَوَاك

.مُسَوِّفًا .وَلِعَقْلِك مُسْعِفًا

.وَانْظُرْ .مَا تَسُوءُ عَاقِبَتُهُ فَوَطِّنْ نَفْسَك عَلَى مُجَانَبَتِهِ

.فَإِنَّ تَرْكَ النَّفْسِ وَمَا تَهْوَى دَاؤُهَا .وَتَرْكَ مَا تَهْوَى دَوَاؤُهَا

.فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ .يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ

.فَاصْبِرْ عَلَى الدَّوَا .كَمَا تَخَافُ مِنْ الدَّاءِ

وَقَالَ الشَّاعِرُ .صَبَرْتُ عَلَى الْأَيَّامِ حَتَّى تَوَلَّتْ

.وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَهَا فَاسْتَمَرَّتْ .وَمَا النَّفْسُ

.إلَّا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى .فَإِنْ طَمِعَتْ

.تَاقَتْ وَإِلَّا تَسَلَّتْ .مَنْ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى

.دَخَلَ الْجَنَّةَ .فَإِذَا انْقَادَتْ النَّفْسُ لِلْعَقْلِ بِمَا قَدْ

.أُشْعِرَتْ مِنْ عَوَاقِبِ الْهَوَى .لَمْ يَلْبَثْ الْهَوَى أَنْ يَصِيرَ بِالْعَقْلِ مَدْحُورًا

.وَبِالنَّفْسِ مَقْهُورًا .ثُمَّ لَهُ الْحَظُّ الْأَوْفَى فِي ثَوَابِ الْخَالِقِ

.وَثَنَاءِ الْمَخْلُوقِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

.وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى

.وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهِ .فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَحَلُّهُ الدِّمَاغُ

.فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ

.أَفْضَلُ الْجِهَادِ .جِهَادُ الْهَوَى .وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ

.أَعَزُّ الْعِزِّ الِامْتِنَاعُ مِنْ مِلْكِ الْهَوَى

.تَغْلِيبُ الْعَقْلِ عَلَى الْشَهْوَةِ .وَاجِبٌ

وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ .خَيْرُ النَّاسِ مَنْ أَخْرَجَ الشَّهْوَةَ مِنْ قَلْبِهِ

.وَعَصَى هَوَاهُ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ

.مَنْ أَمَاتَ شَهْوَتَهُ، فَقَدْ أَحْيَا مُرُوءَتَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ

.رَكَّبَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ عَقْلٍ بِلَا شَهْوَةٍ

.وَرَكَّبَ الْبَهَائِمَ مِنْ شَهْوَةٍ بِلَا عَقْلٍ .وَرَكَّبَ ابْنَ آدَمَ مِنْ كِلَيْهِمَا

.فَمَنْ غَلَّبَ .وَمَنْ غَلَبَتْ شَهْوَتُهُ عَلَى عَقْلِهِ

.أَنَّ الدِّمَاغَ .مَحَلُّ الْحِسِّ .وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ

.فَهُوَ شَرٌّ مِنْ الْبَهَائِمِ وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ

.مَنْ أَشْجَعُ النَّاسِ وَأَحْرَاهُمْ بِالظَّفَرِ فِي مُجَاهَدَتِهِ

.قَالَ مَنْ جَاهَدَ الْهَوَى .طَاعَةً لِرَبِّهِ

.وَاحْتَرَسَ فِي مُجَاهَدَتِهِ مِنْ وُرُودِ خَوَاطِرِ الْهَوَى عَلَى قَلْبِهِ

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ .قَدْ يُدْرِكُ الْحَازِمُ ذُو الرَّأْيِ الْمُنَى بِطَاعَةِ الْحَزْمِ وَعِصْيَانِ الْهَوَى

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي .فَهُوَ أَنْ يُخْفِيَ الْهَوَى

.بِكُرْهٍ حَتَّى تَتَمَوَّهَ أَفْعَالُهُ عَلَى الْعَقْلِ فَيَتَصَوَّرُ الْقَبِيحَ حَسَنًا وَالضَّرَرَ نَفْعًا

وَهَذَا يَدْعُو إلَيْهِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ .إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلنَّفْسِ مَيْلٌ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ

.فَيَخْفَى عَنْهَا الْقَبِيحُ لِحُسْنِ ظَنِّهَا وَتَتَصَوَّرُهُ حَسَنًا لِشِدَّةِ مَيْلِهَا

وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

.لِأَبِي الحَسَنْ .عَلِيُّ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ حَبِيبٍ البَصْرِي المَاوَرْدِي

.لِأَنَّ الْقَلْبَ .مَعْدِنُ الْحَيَاةِ .وَمَادَّةُ الْحَوَاسِّ

.حُبُّك الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ .أَيْ يُعْمِي عَنْ الرُّشْدِ

.وَيُصِمُّ عَنْ الْمَوْعِظَةِ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

.الْهَوَى عَمًى قَالَ الشَّاعِرُ .حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَنْ تَوَدُّ

.عَيْبُ الْمَحْبُوبِ لَا يُرَى .وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ

بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

.وَلَسْت بِرَاءٍ عَيْبَ ذِي الْوُدِّ كُلِّهِ

.وَلَا بَعْضَ مَا فِيهِ إذَا كُنْت رَاضِيَا

.فَعَيْنُ الرِّضَى عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ .وَلَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا

.وَأَمَّا السَّبَبُ الثَّانِي فَهُوَ اشْتِغَالُ الْفِكْرِ فِي تَمْيِيزِ مَا اشْتَبَهَ

.وَطَلَبُ الرَّاحَةَ فِي اتِّبَاعِ مَا اسْتَسْهَلَ .حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَوْفَقُ أَمْرَيْهِ

.وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْعَقْلِ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ

.وَأَحْمَدُ حَالَيْهِ .وَاغْتِرَارًا بِأَنَّ الْأَسْهَلَ مَحْمُودٌ وَالْأَعْسَرَ مَذْمُومٌ

.فَلَنْ يَعْدَمَ أَنْ يَتَوَرَّطَ .بِخِدَعِ الْهَوَى

.وَزِينَةِ الْمَكْرِ فِي كُلِّ مَخُوفٍ حَذِرٍ .وَمَكْرُوهٍ عَسِرٍ

.الْهَوَى يَقْظَانُ .وَالْعَقْلُ رَاقِدٌ فَمِنْ

.فَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ وَهْبٍ .الْهَوَى أَمْنَعُ

.وَالرَّأْيُ أَنْفَعُ وَقِيلَ فِي الْمَثَلِ .الْعَقْلُ وَزِيرٌ نَاصِحٌ، وَالْهَوَى وَكِيلٌ فَاضِحٌ