Datasets:

Tiger14n

/

arabic_diacritic

like 0

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هذا التسجيل من طرف لربري بوكس

هَذَا التَّسْجِيلْ مِنْ طَرَفِ لربّري بُوكْس

جميع تسجيلات لربري بوكس في المجال العام

جَمِيعْ تَسَّجِيلَاتْ لربّري بُوكْسْ فِي الْمَجَالِ الْعَامْ

للمزيد من المعلومات او للمشاركة

لِلْمَزِيدِ مِنْ الْمَعْلُومَاتِ أَوْ لِلْمُشَارَكَة

خاتم الرسل والانبياء وعلى اله واصحابه الاتقياء

خَاتَمِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهْ الْأَتْقِيَاء

اما بعد فان شرف المطلوب بشرف نتايجه وعظم خطره بكثرة منافعه

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ شَرَفَ الْمَطْلُوبِ بِشَرَفِ نَتَائِجِهِ وَعِظَمِ خَطَرِهِ بِكَثْرَةِ مَنَافِعِهِ

وبحسب منافعه تجب العناية به

وَبِحَسَبِ مَنَافِعِهِ تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهِ

وعلى قدر العناية يكون اجتناء ثمرته

وَعَلَى قَدْرِ الْعِنَايَةِ يَكُونُ اجْتِنَاءُ ثَمَرَتِهِ

اعظم الامور خطرا وقدرا واعمها نفعا ورفضا ما استقام به الدين والدنيا وانتظم به صلاح الاخرة والاولى

أَعْظَمُ الْأُمُورِ خَطَرًا وَقَدْرًا وَأَعَمُهَا نَفْعًا وَرَفْضًا مَا اسْتَقَامَ بِهِ الدَّيْنُ وَالدُّنْيَا وَانْتَظَمَ بِهِ صَلَاحُ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى

لان باستقامة الدين تصح العبادة، وبصلاح الدنيا تتم السعادة

لِأَنَّ بِاسْتِقَامَةِ الدِّينِ تَصِحُّ الْعِبَادَة، وَبِصَلَاحِ الدُّنْيَا تَتِمُّ السَّعَادَةُ

وقد توخيت بهذا الكتاب الاشارة الى ادابهما وتفصيل ما اجمل من احوالهما على اعدل الامرين من ايجاز وبسط

وَقَدْ تَوَخَّيْتْ بِهَذَا الْكِتَابِ الْإِشَارَةَ إلَى آدَابِهِمَا وَتَفْصِيلَ مَا أُجْمِلَ مِنْ أَحْوَالِهِمَا عَلَى أَعْدَلِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إيجَازٍ وَبَسْطٍ

اجمع فيه بين تحقيق الفقهاء وترقيق الادباء

أَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ تَحْقِيقِ الْفُقَهَاءِ وَتَرْقِيقِ الْأُدَبَاءِ

فلا ينبع عن فهم ولا يدق في وهم

فَلَا يَنْبُعُ عَنْ فَهْمٍ وَلَا يَدِقُّ فِي وَهْمٍ

مستشهدا من كتاب الله جل اسمه بما يقتضيه

مُسْتَشْهِدًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ

ومن سنن رسوله صلى الله عليه وسلم بما يضاهيه

وَمِنْ سُنَنِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُضَاهِيهِ

ثم متبعا ذلك بامثال الحكماء واداب البلغاء واقوال الشعراء

ثُمَّ مُتْبِعًا ذَلِكَ بِأَمْثَالِ الْحُكَمَاءِ وَآدَابِ الْبُلَغَاءِ وَأَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ

لان القلوب ترتاح الى الفنون المختلفة وتسام من الفن الواحد

لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَرْتَاحُ إلَى الْفُنُونِ الْمُخْتَلِفَةِ وَتَسْأَمُ مِنْ الْفَنِّ الْوَاحِدِ

وقد قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه

وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ان القلوب تمل كما تمل الابدان فاهدوا اليها طرايف الحكمة

أَنَّ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ فَاهْدُوا إلَيْهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ

فكان هذا الاسلوب يحب التنقل في المطلوب من مكان الى مكان

فَكَأنَ هَذَا الْأُسْلُوبَ يُحِبُّ التَّنَقُّلَ فِي الْمَطْلُوبِ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانْ

وكان المامون رحمه الله تعالى يتنقل كثيرا في داره من مكان الى مكان وينشد قول ابي العتاهية رحمه الله

وَكَانَ الْمَأْمُونُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَتَنَقَّلُ كَثِيرًا فِي دَارِهِ مِنْ مَكَانْ إلَى مَكَانْ وَيُنْشِدُ قَوْلَ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ

زورو الموقع لربري بوكس نقطة ارك

زورو الْمَوْقِعْ لربّري بُوكْسْ نُقْطَةْ أُرَكْ

لا يصلح النفس اذا كانت مدبرة الا التنقل من حال

لَا يَصْلُحُ النَّفْسَ إذَا كَانَتْ مُدَبِّرَةً إلَّا التَّنَقُّلُ مِنْ حَالٍ

وجعلت ما تضمنه هذا الكتاب خمسة ابواب

وَجَعَلْتُ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكِتَابُ خَمْسَةَ أبْوَابٍ

الباب الاول فضل العقل وذم الهوى

الْبَابُ الْأَوَّلُ فَضْلُ الْعَقْلِ وَذَمُّ الْهَوَى

الباب الثاني في ادب العلم

الْبَابُ الثَّانِي فِي أَدَبِ الْعِلْمِ

الباب الثالث في ادب الدين

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَدَبِ الدَّيْنِ

الباب الرابع في ادب الدنيا

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَدَبِ الدُّنْيَا

الباب الخامس في ادب النفس

الْبَابُ الْخَامِسُ فِي أَدَبِ النَّفْسِ

وانما استمد من الله تعالى حسن معونته واستودعه حفظ موهبته بحوله ومشييته

وَإِنَّمَا أَسْتَمِدُّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى حُسْنَ مَعُونَتِهِ وَأَسْتَوْدِعُهْ حِفْظْ مَوْهِبَتِهْ بِحَوْلِهِ وَمَشِيئَتِهِ

وهو حسبي من معين وحفيظ

وَهُوَ حَسْبِي مِنْ مُعَيَّنٍ وَحَفِيظٍ

نهاية المقدمة

نِهَايَةُ الْمُقَدِّمَةِ

ادب الدنيا والدين لابي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي

أَدَبُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيّ الْمَاوَرْدِيّ

مقدمة المولف

مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ

قال القاضي ابو الحسن علي ابن محمد بن حبيب البصري الماوردي - رحمه الله تعالى

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ مُحَمَّدٍ بْنْ حَبِيبِ اَلْبَصَرِيِّ اَلْمَاوَرْدَيْ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى

الحمد لله ذي الطول والالاء وصلى الله على سيدنا محمد

الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الطَّوْلِ وَالْآلَاءِ وَصَلَّى اَللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدْ

فاوجب التكليف بكمالها وجعل الدنيا

فَأَوْجَبَ التَّكْلِيفَ بِكَمَالِهَا وَجَعَلَ الدُّنْيَا

والثاني ان محله القلب وفي قوله تعالى يعقلون بها تاويلان احدهما يعلمون بها والثاني يعتبرون بها

وَالثَّانِي أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ وَفِي قَوْلهْ تَعَالَى يَعْقِلُونَ بِهَا تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا يَعْلَمُونَ بِهَا وَالثَّانِي يَعْتَبِرُونَ بِهَا

فهذه جملة القول في العقل الغريزي

فَهَذِهِ جُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ

نمو العقل المكتسب بالتجارب

نُمُو الْعَقْلُ الْمُكْتَسَبُ بِالتَّجَارِبِ

وحنكة الشيوخ واما العقل المكتسب فهو نتيجة العقل الغريزي وهو نهاية المعرفة

وَحِنْكَةِ الْشِيُوخِ وَأَمَّا الْعَقْلُ الْمُكْتَسَبُ فَهُوَ نَتِيجَةُ الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ وَهُوَ نِهَايَةُ الْمَعْرِفَةِ

وصحة السياسة واصابة الفكرة

وَصِحَّةُ السِّيَاسَةِ وَإِصَابَةُ الْفِكْرَةِ

وليس لهذا حد لانه ينمو ان استعمل وينقص ان اهمل

وَلَيْسَ لِهَذَا حَدٌّ لِأَنَّهُ يَنْمُو إنْ اُسْتُعْمِلَ وَيَنْقُصُ إنْ أُهْمِلَ

ونماوه يكون باحد وجهين اما بكثرة الاستعمال اذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة

وَنَمَاؤُهُ يَكُونُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَانِعٌ مِنْ هَوًى وَلَا صَادٌّ مِنْ شَهْوَة

مدبرة باحكامه والف به بين خلقه مع اختلاف هممهم وماربهم

مُدَبَّرَةً بِأَحْكَامِهْ وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَ خَلْقِهِ مَعَ اخْتِلَافِ هِمَمِهِمْ وَمَآرِبِهِمْ

كالذي يحصل لذوي الاسنان من الحنكة

كَاَلَّذِي يَحْصُلُ لِذَوِي الْأَسْنَانِ مِنْ الْحُنْكَةِ

وصحة الروية بكثرة التجارب وممارسة الامور ولذلك حمدت العرب اراء الشيوخ

وَصِحَّةِ الرَّوِيَّةِ بِكَثْرَةِ التَّجَارِبِ وَمُمَارَسَةِ الْأُمُورِ وَلِذَلِكَ حَمِدَتْ الْعَرَبُ آرَاءَ الشُّيُوخِ

حتى قال بعضهم المشايخ اشجار الوقار ومنابع الاخبار، لا يطيش لهم سهم ولا يسقط لهم وهم

حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ الْمَشَايِخُ أَشْجَارُ الْوَقَارِ وَمَنَابِعُ الْأَخْبَار، لَا يَطِيشُ لَهُمْ سَهْمٌ وَلَا يَسْقُطُ لَهُمْ وَهْمٌ

ان راوك في قبيح صدوك، وان ابصروك على جميل امدوك

إنْ رَأَوْكْ فِي قَبِيحٍ صَدُّوك، وَإِنْ أَبْصَرُوكْ عَلَى جَمِيلٍ أَمَدُّوك

وقيل عليكم باراء الشيوخ فانهم ان فقدوا ذكاء الطبع فقد مرت على عيونهم وجوه العبر وتصدت لاسماعهم اثار الغير

وَقِيلَ عَلَيْكُمْ بِآرَاءِ الشُّيُوخِ فَإِنَّهُمْ إنْ فَقَدُوا ذَكَاءَ الطَّبْعِ فَقَدْ مَرَّتْ عَلَى عُيُونِهِمْ وُجُوهُ الْعِبْرِ وَتَصَدَّتْ لِأَسْمَاعِهِمْ آثَارُ الْغَيْرِ

وقيل في منثور الحكم

وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ

وتباين اغراضهم ومقاصدهم وجعل ما تعبدهم به قسمي

وَتَبَايُنِ أَغْرَاضِهِمْ وَمَقَاصِدِهِمْ وَجَعَلَ مَا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ قِسْمَيْ

من طال عمره نقصت قوة بدنه وزادت قوة عقله

مَنْ طَالَ عُمُرُهُ نَقَصَتْ قُوَّةُ بَدَنِهِ وَزَادَتْ قُوَّةُ عَقْلِهِ

وقيل فيه لا تدع الايام جاهلا الا ادبته

وَقِيلَ فِيهِ لَا تَدَعُ الْأَيَّامُ جَاهِلًا إلَّا أَدَّبَتْهُ

وقال بعض الحكماء كفى بالتجارب تادبا وبتقلب الايام عظة

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ كَفَى بِالتَّجَارِبِ تَأَدُّبًا وَبِتَقَلُّبِ الْأَيَّامِ عِظَةً

وقال بعض البلغاء التجربة مراة العقل والغرة ثمرة الجهل

وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ التَّجْرِبَةُ مِرْآةُ الْعَقْلِ وَالْغِرَّةُ ثَمَرَةُ الْجَهْلِ

وقال بعض الادباء كفى مخبرا عما بقي ما مضى، وكفى عبرا لاولي الالباب ما جربوا

وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ كَفَى مُخَبِّرًا عَمَّا بَقِيَ مَا مَضَى، وَكَفَى عِبَرًا لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا جَرَّبُوا

وقال بعض الشعراء الم تر ان العقل زين لاهله ولكن تمام العقل قسما وجب بالعقل فوكده الشرع وقسما جاز في العقل فاوجبه الشرع

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعَقْلَ زَيْنٌ لِأَهْلِهِ وَلَكِنْ تَمَامُ الْعَقْلِ قِسْمًا وَجَبَ بِالْعَقْلِ فَوَكَّدَهُ الشَّرْعُ وَقِسْمًا جَازَ فِي الْعَقْلِ فَأَوْجَبَهُ الشَّرْعُ

طول التجارب

طُولُ التَّجَارِبِ

وقال اخر اذا طال عمر المرء في غير افة افادت له الايام في كرها عقل

وَقَالَ آخَرُ إذَا طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ فِي غَيْرِ آفَةٍ أَفَادَتْ لَهُ الْأَيَّامُ فِي كَرِّهَا عَقْلَ

واما الوجه الثاني فقد يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فَقَدْ يَكُونُ بِفَرْطِ الذَّكَاءِ وَحُسْنِ الْفِطْنَةِ

وذلك جودة الحدس في زمان غير مهمل للحدس

وَذَلِكَ جَوْدَةُ الْحَدْسِ فِي زَمَانٍ غَيْرِ مُهْمِلٍ لِلْحَدْسِ

فاذا امتزج بالعقل الغريزي صارت نتيجتهما نمو العقل المكتسب

فَإِذَا امْتَزَجَ بِالْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ صَارَتْ نَتِيجَتُهُمَا نُمُوَّ الْعَقْلِ الْمُكْتَسَبِ

كالذي يكون في الاحداث من وفور العقل وجودة الراي

كَاَلَّذِي يَكُونُ فِي الْأَحْدَاثِ مِنْ وُفُورِ الْعَقْلِ وَجَوْدَةِ الرَّأْيِ

حتى قال هرم بن قطبة حين تنافر اليه عامر بن الطفيل

حَتَّى قَالَ هَرِمُ بْنُ قُطْبَةَ حِينَ تَنَافَرَ إلَيْهِ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ

وعلقمة بن علاثة عليكم

وَعَلْقَمَةَ بْنُ عُلَاثَةَ عَلَيْكُمْ

بالحديث السن الحديد الذهن ولعل هرما اراد

بِالْحَدِيثِ السِّنِّ الْحَدِيدِ الذِّهْنِ وَلَعَلَّ هَرِمًا أَرَادَ

ان يدفعهما عن نفسه فاعتذر بما قال

أَنْ يَدْفَعَهُمَا عَنْ نَفْسِهِ فَاعْتَذَرَ بِمَا قَالَ

فكان العقل لهما عمادا وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال

فَكَانَ الْعَقْلُ لَهُمَا عِمَادًا وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ

لكن لم ينكرا قوله اذعانا للحق فصارا الى ابي جهل لحداثة سنه

لَكِنْ لَمْ يُنْكِرَا قَوْلَهُ إذْعَانًا لِلْحَقِّ فَصَارَا إلَى أَبِي جَهْلٍ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ

وحدة ذهنه فابى ان يحكم بينهما

وَحِدَّةِ ذِهْنِهِ فَأَبَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا

فرجعا الى هرم فحكم بينهما، وفيه قال لبيد

فَرَجَعَا إلَى هَرِمٍ فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ قَالَ لَبِيدٌ

يا هرم ابن الاكرمين منصبا انك قد اوتيت حكما معجبا

يَا هَرِمُ ابْنَ الْأَكْرَمِينَ مَنْصِبًا إنَّكْ قَدْ أُوتِيتَ حُكْمًا مُعْجِبَا

وقد قالت العرب عليكم بمشاورة الشباب فانهم ينتجون رايا لم ينله طول القدم ولا استولت عليه رطوبة الهرم

وَقَدْ قَالَتْ الْعَرَبُ عَلَيْكُمْ بِمُشَاوَرَةِ الشَّبَابِ فَإِنَّهُمْ يُنْتِجُونَ رَأْيًا لَمْ يَنَلْهُ طُولُ الْقِدَمِ وَلَا اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ رُطُوبَةُ الْهَرَمِ

وقد قال الشاعر: رايت العقل لم يكن انتهابا، ولم يقسم على عدد السنينا

وَقَدْ قَالَ الشَّاعِر: رَأَيْتْ الْعَقْلَ لَمْ يَكُنِ انْتِهَابَا، وَلَمْ يُقْسَمْ عَلَى عَدَدِ السِّنِينَا

ما اكتسب المرء مثل عقل يهدي صاحبه الى هدى

مَا اكْتَسَبَ الْمَرْءُ مِثْلَ عَقْلٍ يَهْدِي صَاحِبَهُ إلَى هُدًى

ولو ان السنين تقاسمته حوى الاباء انصبة البنينا

وَلَوْ أَنَّ السِّنِينَ تَقَاسَمَتْهُ حَوَى الْآبَاءُ أَنْصِبَةَ الْبَنِينَا

وحكى الاصمعي رحمه الله قال قلت لغلام حدث من اولاد العرب كان يحادثن فامتعني بفصاحة وملاحة

وَحَكَى الْأَصْمَعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قُلْتْ لِغُلَامٍ حَدَثٍ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ كَانَ يُحَادِثُنِ فَأَمْتَعَنِي بِفَصَاحَةٍ وَمَلَاحَةٍ

ايسرك ان يكون لك ماية الف درهم وانت احمق. قال لا والله قال فقلت ولم؟ قال اخاف ان يجني علي حمقي جناية تذهب بمالي ويبقى علي حمقي

أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونَ لَكْ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْتَ أَحْمَق. قَالَ لَا وَاَللَّهِ قَالَ فَقُلْتْ وَلِم؟ قَالَ أَخَافُ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيَّ حُمْقِي جِنَايَةً تَذْهَبُ بِمَالِي وَيَبْقَى عَلَيَّ حُمْقِي

فانظر الى هذا الصبي كيف استخرج بفرط ذكايه واستنبط جودة قريحته ما لعله يدق على من هو اكبر منه سنا، واكثر تجربة

فَانْظُرْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ كَيْفَ اسْتَخْرَجَ بِفَرْطِ ذَكَائِهِ وَاسْتَنْبَطَ جَوْدَةِ قَرِيحَتِهِ مَا لَعَلَّهُ يَدِقُّ عَلَى مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا، وَأَكْثَرُ تَجْرِبَةً

واحسن من هذا الذكاء والفطنة ما حكى ابن قتيبة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير

وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الذَّكَاءِ وَالْفَطِنَةِ مَا حَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ

فهربوا منه الا عبد الله فقال له عمر رضي الله عنه: ما لك؟ لم لم تهرب مع اصحابك؟

فَهَرَبُوا مِنْهُ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: مَا لَك؟ لِمَ لَمْ تَهْرَبُ مَعَ أَصْحَابِك؟

فقال يا امير المومنين لم اكن على ريبة فاخافك ولم يكن الطريق ضيقا فاوسع لك

فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَكُنْ عَلَى رِيبَةٍ فَأَخَافُكْ وَلَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا فَأُوَسِّعُ لَكْ

فانظر ما تضمنه هذا الجواب من الفطنة وقوة المنة وحسن البديهة كيف نفى عنه اللوم واثبت له الحجة

فَانْظُرْ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ الْفِطْنَةِ وَقُوَّةِ الْمِنَّةِ وَحُسْنِ الْبَدِيهَةِ كَيْفَ نَفَى عَنْهُ اللَّوْمَ وَأَثْبَتَ لَهُ الْحُجَّةَ

ليس للذكاء غاية

لَيْسَ لِلذَّكَاءِ غَايَةٌ

وحكي ان سليمان بن عبد الملك امر الفرزدق بضرب اعناق اسارى من الروم فاستعفاه الفرزدق فلم يفعل

وَحُكِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمَرَ الْفَرَزْدَقَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ أُسَارَى مِنْ الرُّومِ فَاسْتَعْفَاهُ الْفَرَزْدَقُ فَلَمْ يَفْعَلْ

واعطاه سيفا لا يقطع شييا

وَأَعْطَاهُ سَيْفًا لَا يَقْطَعُ شَيْئًا

فقال الفرزدق: لكل شيء عمل دعامة ودعامة بل اضربهم بسيف ابي رغوان مجاشع

فَقَالَ الْفَرَزْدَق: لِكُلِّ شَيْءٍ عُمِلَ دَعَامَةٌ وَدِعَامَةُ بَلْ أَضْرَبُهُمْ بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ مُجَاشِعِ

يعني سيف نفسه فقام فضرب به عنق رومي منهم فنبا السيف عنه

يَعْنِي سَيْفَ نَفْسِهِ فَقَامَ فَضَرَبَ بِهِ عُنُقَ رُومِيٍّ مِنْهُمْ فَنَبَا السَّيْفُ عَنْهُ

فضحك سليمان ومن حوله فقال الفرزدق: ايعجب الناس ان اضحكت سيدهم خليفة الله يستسقى به المطر

فَضَحِكَ سُلَيْمَانُ وَمَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ الْفَرَزْدَق: أَيَعْجَبُ النَّاسُ أَنْ أَضْحَكْتْ سَيِّدَهُمْ خَلِيفَةَ اللَّهِ يُسْتَسْقَى بِهِ الْمَطَرُ

لم ينب سيفي من رعب ولا دهش عن الاسير ولكن اخر القدر

لَمْ يَنْبُ سَيْفِي مِنْ رُعْبٍ وَلَا دَهَشٍ عَنْ الْأَسِيرِ وَلَكِنْ أَخَّرَ الْقَدَرَ

ولن يقدم نفسا قبل ميتتها مع اليدين ولا الصمصامة الذكر

وَلَنْ يُقَدِّمَ نَفْسًا قَبْلَ مِيتَتِهَا مْعُ الْيَدَيْنِ وَلَا الصَّمْصَامَةُ الذَّكَرُ

ثم غمد سيفه وهو يقول ما ان يعاب سيد اذا صبا ولا يعاب صارم اذا نبا ولا يعاب شاعر اذا كبا

ثُمَّ غَمَدَ سَيْفَهُ وَهُوَ يَقُولُ مَا إنْ يُعَابُ سَيِّدٌ إذَا صَبَا وَلَا يُعَابُ صَارِمٌ إذَا نَبَا وَلَا يُعَابُ شَاعِرٌ إذَا كَبَا

عمل المرء عقله فبقدر عقله تكون عبادته لربه

عَمَلِ الْمَرْءِ عَقْلُهُ فَبِقَدْرِ عَقْلِهِ تَكُونُ عِبَادَتُهُ لِرَبِّهِ

ثم جلس وهو يقول كاني بابن المراغة قد هجاني فقال: بسيف ابي رغوان سيف مجاشع ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم

ثُمَّ جَلَسَ وَهُوَ يَقُولُ كَأَنِيّ بِابْنِ الْمَرَاغَةِ قَدْ هَجَانِي فَقَال: بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ سَيْفِ مُجَاشِعٍ ضَرَبْتْ وَلَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِ ابْنِ ظَالِمِ

ثم قام فانصرف وحضر جرير وخبر بالخبر ولم ينشد له الشعر

ثُمَّ قَامَ فَانْصَرَفَ وَحَضَرَ جَرِيرٌ وَخُبِّرَ بِالْخَبَرِ وَلَمْ يُنْشَدْ لَهُ الشِّعْرُ

فانشا يقول بسيف ابي رغوان سيف مجاشع ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم

فَأَنْشَأَ يَقُولُ بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ سَيْفِ مُجَاشِعٍ ضَرَبْتْ وَلَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِ ابْنِ ظَالِمِ

ثم قال يا امير المومنين كان ابن القينة وقد اجابني

ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنَّ ابْنَ الْقَيْنَةِ وَقَدْ أَجَابَنِي

ولا نقتل الاسرى ولكن نفكهم اذا اثقل الاعناق حمل المغارم

وَلَا نَقْتُلُ الْأَسْرَى وَلَكِنْ نَفُكُّهُمْ إذَا أَثْقَلَ الْأَعْنَاقَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ

فاستحسن سليمان حدس الفرزدق على جرير

فَاسْتَحْسَنَ سُلَيْمَانُ حَدْسَ الْفَرَزْدَقِ عَلَى جَرِيرٍ