1
00:00:05,110 --> 00:00:08,150
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم

2
00:00:08,150 --> 00:00:11,610
الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على

3
00:00:11,610 --> 00:00:17,070
رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد أنا أخوكم

4
00:00:17,070 --> 00:00:20,670
في الله نور الدين محمد ناجي من الجامعة الإسلامية

5
00:00:20,670 --> 00:00:25,050
كلية الأداب قسم اللغة العربية سأعرض عليكم في هذا

6
00:00:25,050 --> 00:00:29,310
اليوم كتاب الصداقة والصديق لأبي حيان التوحيدى

7
00:00:29,310 --> 00:00:35,490
العباسى بتحقيق السيد علي متولى صلاح عليه رحمة الله

8
00:00:35,490 --> 00:00:40,130
ضمن مساقي مصادر الأدب العربي تحت إشراف الدكتور

9
00:00:40,130 --> 00:00:44,550
الفاضل وليد محمود أبو ندى والله سبحانه أسأل

10
00:00:44,550 --> 00:00:49,570
التوفيق والسداد وأبدأ مستعينا به مقدما بالتعريف

11
00:00:49,570 --> 00:00:56,830
بأبي حيان تعريفا مجزئًا أبو حيان التوحيدى هو علي ابن

12
00:00:56,830 --> 00:01:02,830
محمد ابن العباسي التوحيدى، أبو حيان، فيلسوف متصوف

13
00:01:02,830 --> 00:01:08,750
معتزلي، وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد كما سمى ابن

14
00:01:08,750 --> 00:01:14,090
تومرت أتباعه بالموحدين، وكما يسمي صوفية الفلاسفة

15
00:01:14,090 --> 00:01:19,930
أنفسهم بأهل الوحدة أو الاتحادية ولد أبو حيان في

16
00:01:19,930 --> 00:01:25,130
شيراز أو نيسابور سنة ثلاثمائة وعشرة وأقام مدة

17
00:01:25,130 --> 00:01:30,450
 ببغداد وانتقل إلى الري فصاحب ابن العميد والصاحب

18
00:01:30,450 --> 00:01:36,630
ابن عباد فلم يحمد ولا أهما ولا صحبتهما كان أبو حيان

19
00:01:36,630 --> 00:01:40,990
متفنن في جميع العلوم من النحو والبلاغة والأدب

20
00:01:40,990 --> 00:01:47,750
والفقه وأشهر ما برع فيه الكلام على رأي المعتزلة أو

21
00:01:47,750 --> 00:01:53,190
على طريقتهم فقد كان جاحظيًا يسلك في تصانيفه مسلكه

22
00:01:53,190 --> 00:01:59,150
أي مسلك الجاحظ ويشتهي أن ينتظم في سلكه فهو شيخ في

23
00:01:59,150 --> 00:02:06,930
الصوفية وفيلسوف للأدباء كان أبو حيان يكثر الطعن في

24
00:02:06,930 --> 00:02:12,630
الصاحب ابن عباد وابن العميد وغيرهما بل ألف فيهما

25
00:02:12,630 --> 00:02:18,650
كتابًا خاصًا أسماه أخلاق الوزيرين أو مثالب الوزيرين

26
00:02:18,650 --> 00:02:27,030
توفي أبو حيان سنة أربعمائة وأربعة عشرة للهجرة من

27
00:02:27,030 --> 00:02:31,770
كتب أبي حيان المقابسات والصداقة والصديق والبصائر

28
00:02:31,770 --> 00:02:36,930
والذخائر والامتاع والمؤانسة والإشارات الإلهية

29
00:02:36,930 --> 00:02:41,990
والمحاضرات والمناظرات وغيرها من الكتب وأشهر ما ألف

30
00:02:41,990 --> 00:02:47,410
كتاب مثالب الوزيرين الصاحب ابن عباد وابن العميد

31
00:02:48,820 --> 00:02:54,360
شيوخ أبي حيان أخذ النحو والصرف والتصوف عن أبي

32
00:02:54,360 --> 00:02:59,200
سعيد السيرافي وأخذ الفلسفة عن أبي زكريا ابن عدي

33
00:02:59,200 --> 00:03:04,460
المنطقي وأخذ علم الكلام واللغة عن علي بن عيسى

34
00:03:04,460 --> 00:03:09,340
الرماني ومن شيوخه أيضًا أبو حامد المروزي وجعفر

35
00:03:09,340 --> 00:03:15,550
الخلدي وغيرهم من تلاميذه علي بن يوسف ألف مية ومحمد

36
00:03:15,550 --> 00:03:20,270
بن منصورة بن جيكان وعبد الكريم بن محمد الداودية و

37
00:03:20,270 --> 00:03:26,310
غيره من آتي الآن إلى عرض كتابي الصداقة والصديق

38
00:03:26,310 --> 00:03:31,610
والحديث في تفاصيل هذا الكتاب أولًا السبب في تأليف

39
00:03:31,610 --> 00:03:37,530
الكتاب إن أصح ما يمكن أن يقال في هذا الصدد هو ما

40
00:03:37,530 --> 00:03:43,050
ذكره التوحيدي نفسه في مقدمة الكتاب إذ قال كان سبب

41
00:03:43,050 --> 00:03:48,030
إنشاء هذه الرسالة في الصداقة والصديق أني ذكرت شيئًا

42
00:03:48,030 --> 00:03:53,130
منها لزيدن ابن رفاعة أبي الخير فنماه إلى ابن سعدان

43
00:03:53,130 --> 00:03:58,550
الوزير أبي عبد الله فقال لي ابن سعدان قال لي زيد

44
00:03:58,550 --> 00:04:05,610
عنك كذا وكذا قلت قد كان ذاك قال فدون فدوّن هذا

45
00:04:05,610 --> 00:04:11,010
الكلام هذا الكلام وصله بصلاته مما يصح عندك لمن

46
00:04:11,010 --> 00:04:18,180
تقدم فإن حديث الصداقة حلو ووصف الصاحب المساعد مطرب

47
00:04:18,180 --> 00:04:24,540
فجمعت ما في الرسالة وشغلت عن رد القول فيها وأبطأت

48
00:04:24,540 --> 00:04:29,160
أنا عن تحريرها إلى أن كان من أمره ما كان أي إلى أن

49
00:04:29,160 --> 00:04:34,810
أصبح وزيرًا قال فلما كان هذا الوقت وهو رجب سنة

50
00:04:34,810 --> 00:04:41,510
أربع مائة عثرت على المسودة وبيضتها على نحيلها فإن

51
00:04:41,510 --> 00:04:48,790
راقتك فذاك الذي عزمت بنيتي وحولي واستخارتي وانت

52
00:04:48,790 --> 00:04:55,350
زحلقت عن ذلك فللعذر الذي سحبت ذيله وأرسلت سيلة إذا

53
00:04:55,350 --> 00:05:00,430
فسبب تأليف هذا الكتاب قصد جمع رسالة تامة يثبت فيها

54
00:05:00,430 --> 00:05:06,270
الكلام عن الصداقة وصفات الصديق ثالثًا نأتي إلى

55
00:05:06,270 --> 00:05:11,660
موضوع موضوع الكتاب جاء الكتاب في مزيج من الفلسفة

56
00:05:11,660 --> 00:05:16,620
الاجتماعية وطبقات المجتمع الذي عرفها أبو حيان

57
00:05:16,620 --> 00:05:21,500
بالمعاشرة والمخالطة والاختبار وهم الملوك والأمراء

58
00:05:21,500 --> 00:05:26,960
والوزراء وأتباعهم والمزارعون والتجار ورجال الدين

59
00:05:26,960 --> 00:05:33,500
وأهل السوقة وغيرهم من طبقة الرعاع كما أسماهم وفي

60
00:05:33,500 --> 00:05:37,980
هذا الكتاب يذكر مراتب الصداقة وأصناف الصديق ويوازن

61
00:05:37,980 --> 00:05:43,220
فيه بين الصديق والأهل والعشيقة فيذكر قصة أعرابيا

62
00:05:43,220 --> 00:05:49,500
يبعد عن حيّه وأهله وعشيرته وعشيقته وصديقه ثم يجعل

63
00:05:49,500 --> 00:05:55,440
وجده واشتياقه للصديق أكثر منه لكل ما ذكر من منهم

64
00:05:55,440 --> 00:06:01,120
سواها ويورد في الكتاب أيضًا فصلًا في أسباب الصفاء

65
00:06:01,120 --> 00:06:06,200
ومنها أن تسلم عليه إذا لاقيته وأن تدعوه بأحب

66
00:06:06,200 --> 00:06:11,640
الأسماء إليه وأن لا تماريه ومنها أيضًا التواضع في

67
00:06:11,640 --> 00:06:16,540
العلم والخفة في النسك وكتمان السر وغيرها من أسباب

68
00:06:16,540 --> 00:06:23,790
الصفاء بين الأصدقاء ثم يذكر عاقبة العتاب فإن كثرتها

69
00:06:23,790 --> 00:06:29,530
أو كثرتُه تورث الحقد وقلّتُه تزيد الإصرار على الخطأ

70
00:06:29,530 --> 00:06:36,130
والطبع ويرد فصلًا في فضل الصديق وفي اختيار الأصدقاء

71
00:06:36,130 --> 00:06:40,990
 وعدم الانخداع بمظاهر بعضهم وغيرها من الفصول وهي

72
00:06:40,990 --> 00:06:47,050
كثيرة في هذا الكتاب رابعًا منهج التوحيدي في تأليف

73
00:06:47,050 --> 00:06:52,340
هذا الكتاب اعتمد في الكتاب أسلوب المراسلات، واستخدم

74
00:06:52,340 --> 00:06:57,040
فيه لغة الحوار بكثرة، ولا تخلو الرسالة من روح

75
00:06:57,040 --> 00:07:01,700
الفكاهة والسخرية التي طبعت قسمًا هامًا من أدب أبي

76
00:07:01,700 --> 00:07:08,360
حيان، ولو أن فكاهته لا تمثل روحًا مريحة بطبيعتها،

77
00:07:08,360 --> 00:07:13,980
بل هو ينفس عن كربته بنفسه متلذذًا بالتهكم على

78
00:07:13,980 --> 00:07:19,310
الأشخاص الآخرين وقد ذكر لنا من من كان يجالسهم عند

79
00:07:19,310 --> 00:07:24,250
الوزير ابن سعدان وهم علي بن عيسى بن زرعة النصراني

80
00:07:24,250 --> 00:07:28,390
 وابن عبيد الكاتب وابن الحجاج القاضي وأبو الوفاء

81
00:07:28,390 --> 00:07:33,930
المهندس وغيرهم وقد وصفهم فاسترذلهم جميعًا واستخف

82
00:07:33,930 --> 00:07:38,810
بهم كلهم أو كلّهم فأما ابن أبي زرعة فمتكبر يفاخر

83
00:07:38,810 --> 00:07:44,070
 بأرسطو وطاليس وأفلاطون وسقراط وبقراط وأما ابن عبيد

84
00:07:44,070 --> 00:07:48,490
فقد أعمته البلاغة والخطابة عن الانصراف إلى غيرهما

85
00:07:48,490 --> 00:07:53,230
 وابن الحجاج جمع بين جد القاضي وحياء الغانية

86
00:07:53,230 --> 00:08:00,510
الشريفة وسخف الشعر ويروي عن شخص اسمه معمر قوله ما

87
00:08:00,510 --> 00:08:06,170
بقي من ذات الدنيا شيء إلا محادثة الإخوان وأكل

88
00:08:06,170 --> 00:08:12,420
القديد وحك الجرب والوقيعة في الثقلاء لا يتحرج أبو

89
00:08:12,420 --> 00:08:18,620
حيانَة من نقل كلام عن المسيح في رسالته وقد سمعه من

90
00:08:18,620 --> 00:08:23,140
بعض النصارى فيقول قال عيسى بن مريم عليه السلام

91
00:08:23,140 --> 00:08:28,980
فيما حدثنا به ابن الحمل الكاتب النصراني لتلامذته

92
00:08:28,980 --> 00:08:36,240
قال علامتكم التي تعرفون بها أنكم مني أن يود بعضكم

93
00:08:36,240 --> 00:08:42,910
بعضًا وقال أيضًا ليشوع تلميذه أما الرب فينبغي أن

94
00:08:42,910 --> 00:08:50,130
تحبه بكل قلبك ثم تحب قريبك كما تحب نفسك قيل له بين

95
00:08:50,130 --> 00:08:55,710
لنا يا روح الله ما بين هتين المحبتين حتى نستهدي

96
00:08:55,710 --> 00:09:02,870
لهما بتبصرة وتبيان قال إن الصديق تحبه لنفسك والنفس

97
00:09:02,870 --> 00:09:09,770
تحبها لربك فإذا صنت صديقك فلنفسك تصون وإذا جدت

98
00:09:09,770 --> 00:09:15,770
بنفسك فلربك تجود من منهجه أيضًا أنه يروي عن شخصيات

99
00:09:15,770 --> 00:09:20,210
مختلفة فيها الفيلسوف والصوفي والأديب والكاتب

100
00:09:20,210 --> 00:09:24,860
والشاعر والمشارك وأكثر من روى عنهم أبو سليمان

101
00:09:24,860 --> 00:09:30,700
السجستاني وهو أستاذه كما روى أو نقل عن الحسن

102
00:09:30,700 --> 00:09:35,400
البصري وأبي سعيد السيرافي وابن عبادة وابن العميد

103
00:09:35,400 --> 00:09:42,960
وقد كان من كل هذين وقد كان كل من هذين موضوع تندره

104
00:09:42,960 --> 00:09:49,100
أحيانًا فقد وصف مجلس الصاحب ابن عباد بقوله وهل عند

105
00:09:49,100 --> 00:09:54,360
ابن عباد إلا أصحاب الجدل الذين يشغبون ويحمقون

106
00:09:54,360 --> 00:10:00,750
ويصاحبون وهو فيما بينهم يصيح من أطرف ما يذكر بهذا

107
00:10:00,750 --> 00:10:05,010
الصدد أن أبا حيانا إذا أراد أن يعبر عن رأيه الخاص

108
00:10:05,010 --> 00:10:11,370
أو فكرة في موضوع هام عمد إلى التحدث على لسان شخصية

109
00:10:11,370 --> 00:10:16,950
بارزة حتى يدعم نظره أو وصفه بكلام غيره فيكون أقوى

110
00:10:17,340 --> 00:10:22,800
وقل ما نراه يتحدث بلسانه مباشرة، ولكننا نستطيع أن

111
00:10:22,800 --> 00:10:27,760
نكشف روحه ونفسيته بسهولة، حتى من خلال مروياته

112
00:10:27,760 --> 00:10:33,140
ومختاراته، هذا إذا صدقنا أن كل ما يرويه لهم وليس

113
00:10:33,140 --> 00:10:39,370
لها خامسًا تكثر في الرسالة الاستشهادات حول موضوع

114
00:10:39,370 --> 00:10:43,730
الهجران وما يحدثه من آلام نفسية في الأصدقاء

115
00:10:43,730 --> 00:10:49,290
المهجورين فيتمثل بقول الشاعر مالي جفيت وكنت لا

116
00:10:49,290 --> 00:10:55,890
أجفى ودلائل الهجران لا تخفى مالي أراك نسيتني بطرا

117
00:10:55,890 --> 00:11:01,830
ولقد عهدتك تذكر الإلفة وغيرها من الأشعار الكثيرة

118
00:11:01,830 --> 00:11:07,630
التي ذكرها في هذا الباب سادسًا كثير من الشعر الذي

119
00:11:07,630 --> 00:11:12,750
يرويه لا ينسبه إلى أصحابه مما يدل على أنه ينقله عن

120
00:11:12,750 --> 00:11:18,770
حافظته خلافًا لأقوال آخرين من حكماء وأساتذة له أو

121
00:11:18,770 --> 00:11:25,030
مجالسين نأتي الآن إلى محاسن هذا الكتاب، فأول محاسنه

122
00:11:25,030 --> 00:11:29,850
حُسن الاختيار، فمعظم مختاراته من شعر ومسموعات

123
00:11:29,850 --> 00:11:35,650
ومقرؤات لم يتناولها كاتب قبل أبي حيان، وهذه طريقته

124
00:11:35,650 --> 00:11:40,630
الخاصة في أكثر مؤلفاته، فهو يأتي فيها غالبًا بما لم

125
00:11:40,630 --> 00:11:46,780
يسبقه إليها أو إليه أحد من محاسن الكتاب أيضًا جودة 

126
00:11:46,780 --> 00:11:52,480
الأسلوب إذ يقدم أبو حيان عناصر رسالته بأسلوب

127
00:11:52,480 --> 00:11:57,340
شيق فيه حسن التصوير وعدم التصنع والموازنة بين

128
00:11:57,340 --> 00:12:01,980
اللفظ والمعنى خلافًا لمعظم الكتاب من معاصريه الذين

129
00:12:01,980 --> 00:12:07,400
شاع عندهم أسلوب التصنع أو الصنعة وكانت معانيهم

130
00:12:07,400 --> 00:12:13,490
محدودة وألفاظهم للمعنى الواحد لا يحدها حصرٌ من محاسن

131
00:12:13,490 --> 00:12:18,390
الكتاب أيضًا أنه من السهل التمييز بين أسلوب أبي

132
00:12:18,390 --> 00:12:23,170
حيان الخاص وأسلوب غيره فما رواه عن أساتذته أو 

133
00:12:23,170 --> 00:12:28,270
مناظريه أو رفقائه كله من أسلوبه والباقي يمكن تمييزه

134
00:12:28,270 --> 00:12:33,310
باعتبار الزمن ومما ينسب إلى قائله ومن أسلوبه الخاص

135
00:12:33,310 --> 00:12:41,830
قوله لقد شاهدت لشيخنا ابن قاهرأصدقاء ينطوون له على

136
00:12:41,830 --> 00:12:47,110
مودة أذكى من العنبر والورد، إذا لحظهم بطرفه

137
00:12:47,110 --> 00:12:53,670
تهللوا، وإذا ناقلهم بلفظه تدللوا، وإذا تحكم عليهم 

138
00:12:53,670 --> 00:13:00,280
تسجلوا، وإذا أمسك عنهم نولوا وخولوامن محاسن الكتاب

139
00:13:00,280 --> 00:13:06,040
أيضًا استفاء عناصر الموضوع فلم يكد أبو حيان يترك

140
00:13:06,040 --> 00:13:11,020
شاذة ولا فاذة لم يتناولها في رسالته حول الصداقة

141
00:13:11,020 --> 00:13:15,560
فقد تكلم في مزايا الأصدقاء وعيوبهم وفي القطيعة

142
00:13:15,560 --> 00:13:20,220
والهجران وحفظ العهد وتضحية الأصدقاء وفي العداوة

143
00:13:20,220 --> 00:13:26,210
ومكر الأعداء وفي النفاق والتزاور وخيبة الفراق ومنها

144
00:13:26,210 --> 00:13:30,410
أيضًا تصوير المظاهر الاجتماعية والتعبير عن وجدان

145
00:13:30,410 --> 00:13:35,670
الكاتب وميوله الفكرية فنحن نلمس شغفه بالأفكار

146
00:13:35,670 --> 00:13:41,830
الفلسفية وغيرها من المآخذ على الكتاب أنه كأنه يظهر

147
00:13:41,830 --> 00:13:47,770
التناقض فيما يورده هنا وهناك، فهو تارة ينكر وجود

148
00:13:47,770 --> 00:13:52,830
الصداقة، وتارة يذكر محاسن الصديق، ومما يؤخذ على

149
00:13:52,830 --> 00:13:57,690
الكتاب أيضًا أنه لم ينسب الأشعار إلى أصحابها، فكثر

150
00:13:57,690 --> 00:14:02,870
ما يرويه من شعر دون ذكر قائليه من الأهمية التي

151
00:14:02,870 --> 00:14:08,910
نأخذها من هذا الكتاب أنه جامع لما لم يجمعه غيره

152
00:14:08,910 --> 00:14:14,090
لأقوال الأدباء وأرباب اللغة في الصداقة والصديق وقد

153
00:14:14,090 --> 00:14:18,610
ورد في الكتاب ما يمكن تسميته بالرسائل الفلسفية ومن

154
00:14:18,610 --> 00:14:24,010
أهمها ما ورد من رسالة أحمد بن إسماعيل الكاتب إلى

155
00:14:24,010 --> 00:14:29,170
ميمون بن هارون يقول فيها أعلمني رسولي أنك سألته عن

156
00:14:29,170 --> 00:14:33,870
من أنس به في ناحيتي ومن في الناس اليوم يؤانس أو

157
00:14:33,870 --> 00:14:38,950
يجالس نحن إلى الأنس منهم أحوج منا إلى الأنس بهم

158
00:14:38,950 --> 00:14:43,650
وصورة الأمر في فسادهم أنه لما كان الدين عمود

159
00:14:43,650 --> 00:14:48,970
المحاسن ونظام الفضائل وعصم الأخلاق وكان الناس قد

160
00:14:48,970 --> 00:14:53,430
خلوا أو أكثرهم منذ صاروا يتعاطونه مع المراء من

161
00:14:53,430 --> 00:14:58,800
الدين في معاملاتهم وموداتهم مدخلا من جوانبه مختلا

162
00:14:58,800 --> 00:15:04,300
من أوساطه وأطرافه فلن ترى إلا ذاما مذموما زاريا

163
00:15:04,300 --> 00:15:11,220
مزريا عليه حالفا بالقبيح محلوفا به وقد حفلت رسائله

164
00:15:11,220 --> 00:15:16,560
بألوان البلاغة والبديع وفيها رسائل غاية في القصر

165
00:15:16,560 --> 00:15:21,960
يمكن اعتمادها حكما عالية القيمة ذائعة الصيت ومنه

166
00:15:21,960 --> 00:15:28,270
ونختم به قول ابن ثوابة فلبثت بعدك بقلب يود لو كان

167
00:15:28,270 --> 00:15:35,190
عينا فيراك وعين وعين تود لو كانت قلبا فلا تخلو من

168
00:15:35,190 --> 00:15:38,990
ذكرك هذا والله تعالى أعلى وأعلم والسلام عليكم

169
00:15:38,990 --> 00:15:40,430
ورحمة الله وبركاته